بداية القصة

لعلنا نعاني من داء التضجر، داء البقاء مهما فعلنا.. و لا نحرك ساكنا مهما اقدمنا


قليل من اللغة وقليل من التاريخ سيفي بأن تكون صاحب رأي.. وكذلك قليل من الاحرف، وبعض صياغة سيفي جدا بالأمر
سافرت إلى السودان مبكرا لطلب الدراسة وعشت فيها دهرا، كأني من أهلها.. ما شعرت بالغربة إلا في الموانئ والمعابر 
 و لأني إنسان لا ارضى بأن يقل لي شأن لا في عير ولا في قطمير. كنت أتسأل لما في تلك المحطات يختلف بي الحال.. وأنت الان تتحدث إلى شخص ولد في الخليج، ولا يعرف عن الوطنية والانتماء اكثر من التعصب لفريق او التغني بكلمات فنان.. او التحيز إلى شباب الحي ضد حي أخر
تلك السنين التي عشتها في السودان صنعت مني شخص اخر.. لا يعترف بما لا يُعرف، ولا يؤمن ان الحلول السهلة تجلب نتائج ضخمة.. وأن الحياة من سننها ان تعطيها لتأخذ منها.. وأن تتعب فيها لترتاح لبعدها.. وأن لا يمكن ان يدوم شيئا عليها..
علمتني السنين معنى الحقيقي للانتماء.. والتمييز بين الانتماء والأتباع..
تلك التعاليم ابت ان تفارقني.. فبت قليلا انخرط في الحياة العامة.. قراءة ومتابعة وحتى طرحا.. بدأت مشاركتي في رفضي للوضع الدراسي في معهد الحاسب الالي الذي كنت ادرس فيه والحالة المتردية التي كنا نعيش فيها.. وبدأ امري وعصياني وتحريضي ينتشر حتى حضر المدير العام للبرنامج وليس مدير المعهد فقط.. وسألني سؤالا وجدت نفسي ارد عليه بحكم ظني ف اللغة العربية.. حين قال انت وافد؟ مش كده..
وانا ببراءة قلت نعم. ظنا مني ان الوافد في اللغة القادم للبلد وليس كناية على انه ليس من اهلها. لم يرد بكلمة وخرج بعدها..
بعدها استوقفني صديق افخر به وقال يا محمد ما كان لك ان تقول انك وافد.. رديت باني وافد بحكم حضوري من الخليج..
رد وقال:
الوافد تعني انك اجنبي.. لوهلة لم اصدق ان لفظ التفرقة بين الناس في الأوطان لديها معنى ارقى من لفظ اجنبي الذي ظللت طيلة سنين اسمع صليلها في اذناي حتى ما ظننت ان هناك توصيفا افضل لتعريف عن نفسي حين السؤال عن هويتي.. وعلى ذلك بدأت معرفتي تزداد ولا تزيدني المواقف الا ثقة ان الوطن في حدوده اللفظية اكبر مساحة من حدوده الجغرافية.. فبت محاولا التفرقة بين بطاقة الهوية والحياة.. بين الاصل والاقامة.. فلم اهتدي إلى حل يريح قلبا لا يعرف ماذا يريد
وجدت اني مدفوع بالاعتراف بوطن بطاقة الهوية لا بوطن الحياة التي فتحت عيني عليها.. وفي كل مرحلة كنت كحالة نبينا ابراهيم عليه السلام مع النجوم.. فكنت اقول هذا وطني هنا قد عشت.. فإذا به يأفل ويتركني وحدي اني لست منه.. واقلب منه إلى وطن اخر اعيش فيه دهرا.. فا اقول هذا وطني هذا احتواني اكثر.. فااجده يأفل ويقول اني لست منه وليس لي.. فاامنت ان البعيد الذي احمل اسمه هو اذا وطني وإن حاولت ان اجد البديل المناسب عنه.. فكببت على نفسي احاول ان اتعرف عليه.. فصدمت ان الحياة فيها والقوانين الخاصة بها.. لا تشبه احدا في عالم تتشابه فيها البدايات والنهايات لا لشي.. إلا تعمدا ان تكون كذلك
وللحديث بقية


تعليقات

المشاركات الشائعة